الأمطار لم تحل أزمة الماء في الجزائر
استهلاك الفرد الجزائري تحت مستوى الندرة حسب المنظمات الدوليةأن التزود بالمياه الصالحة للشرب سيعرف تحسنا ابتداء من نهاية جانفي المقبل، مع شروع محطة تحلية المياه بالحامة في الجزائر في توفير متوسط 220 ألف متر مكعب يوميا يعاد ضخه في شبكة المياه، مع الإشارة إلى أن متوسط استهلاك العاصمة يقدر ما بين 600 إلى 650 ألف متر مكعب يوميا، أي أن محطة الحامة ستوفر ثلث الحاجيات.
ورغم تسجيل سقوط أمطار معتبرة خلال أكتوبر ونوفمبر الماضيين، وبلوغ نسبة امتلاء السدود حسب تقديرات وزارة الموارد المائية 47 إلى 48 بالمائة مقابل 38.8 بالمائة خلال ديسمبر 2006، فإن التزود بالمياه لا يزال غير عادل في الجزائر، ويقدر عدد السدود في الجزائر حاليا بـ59 سدا، سيرتفع عددها إلى 72 مع حلول 2010 إذا لم تسجل المشاريع الجارية تأخرا، كما كان الحال مع أهم المشاريع التي تم القيام بها خلال السنوات الماضية، وعلى رأسها سد تاقصبت الذي لم تنته أشغال الربط به إلى الآن.
وبينما كان غرب الجزائر يعاني من الجفاف لسنوات، فإن الـ16سدا في المنطقة استقبلت قرابة 120 مليون متر مكعب، وتقارب نسبة الامتلاء 28 بالمائة مقابل 25,25 خلال 2006 و15.2 بالمائة خلال 2005، أما السدود الـ11 لمنطقة الوسط فإنها استقبلت 150 مليون متر مكعب بنسبة امتلاء قدرت بـ60.44 بالمائة مقابل 49.38 بالمائة عام ,2006 وهنالك من السدود من بلغ حد الامتلاء الكامل بنسب 90 بالمائة وأكثـر، منها سد ''تيلسديت'' بولاية البويرة التي تقارب نسبة امتلائه 98 بالمائة، فيما بلغ نسبة امتلاء تاقصبت أكثـر من 90 بالمائة، وتيشي حاف بولاية بجاية أكثـر من 77 بالمائة، وقدارة بأكثـر من 67 بالمائة، وذات الأمر ينطبق على 12 سدا لمنطقة الشلف ومحيطها، بينما كانت نسب الامتلاء للسدود العشرين لمنطقة الشرق أقل، ولكن النسبة تبقى مقبولة جدا بأكثـر من 58 بالمائة. ورغم هذه الحصيلة ونحن في فصل الشتاء، فإن الانقطاعات -خاصة في الوسط- لا تزال معتبرة، كما أن وتيرة التوزيع ونسب المياه الموزعة تبقى متفاوتة بين الأحياء، وقد أبقت السلطات العمومية والشركات القائمة على تسيير شبكة المياه وتوزيعها على ذات النمط وذات المعدل، مع تباين في ساعات التوزيع التي تستفيد منها الأحياء.
في ذات السياق، أشار خبير متخصص في الري، أن مشكل الجزائر لا يكمن في ندرة وشح المياه، بل في سوء توزيعها بين السكان وفي سوء وضعية شبكة المياه مع نسب تسرب لا تزال عالية، وإن تحسنت نوعا ما، حيث لا يزال المتوسط يتراوح ما بين 25 و30 بالمائة، مضيفا بأن متوسط حصة الجزائر من المياه متواضعة جدا، وهي من بين أضعف النسب في شمالي إفريقيا والبحر المتوسط. وإذا كان البرنامج الخاص بقطاع الري والمياه قد سجل إنجاز 12 سدا و14 محطة لتحلية مياه البحر، فضلا عن استكمال المشاريع التي عرفت تأخرا كبيرا جدا مثل سدود ''تاقصبت'' و''كوديت أسردون'' و''تيشي حاف'' ومشروع ''ماو'' وأخيرا مشروع تحويل المياه على طول 750 كلم ما بين عين صالح وتمنراست بقيمة مليار إلى 1.2 مليار دولار، فإن مشكل التزود بالمياه بما في ذلك العاصمة غير واضح المعالم، في ظل صمت السلطات المعنية، وعدم إعطائها كل التوضيحات اللازمة حول مسألة كيفية تسيير الموارد المائية المتاحة. وإلى جانب ذلك يلاحظ لحد الآن غياب تقديم أية حصيلة موضوعية حول أول مشروع لتفويض التسيير لشبكة المياه لعاصمة للشركة الفرنسية ''سيوز'' وتشكيل شركة ''سيال''، فالعقد المبرم في الفاتح أفريل 2006 والذي ينتهي في 2011 ، لا يزال لم يكشف عن نتائج أو حصائل محددة، سواء فيما يتعلق بتزويد العاصمة بالمياه الصالحة للشرب أو نسب التسرب، أو مدى تطور توزيع المياه، خاصة وأن نسبة الانقطاعات في مختلف الأحياء بالعاصمة بقيت معتبرة، رغم تسجيل نمو إيجابي لمنسوب المياه في السدود الخاصة بمناطق الوسط. وفي غياب أية حصيلة فإن السلطات لجأت إلى ذات العملية في مدن الشرق والغرب، مع إسناد التسيير إلى شركات إسبانية وألمانية في وهران وعنابة، وفرنسية في قسنطينة.
أما عن خيار تحلية مياه البحر، فإن الكل بانتظار مشروع الحامة للحكم عليه، بالنظر إلى أهمية المشروع وكلفته، فالإمداد المنتظر يتراوح ما بين 200 و220 متر مكعب يوميا، وينتظر أن تتراوح كلفة المتر المكعب ما بين 45 إلى 48 دينار، ولكن السلطات العمومية أخذت على عاتقها الفارق، إلى حين، وترتبط تسعيرات المياه بمعدلات نمو تسعيرات الكهرباء، فإذا ارتفعت هذه الأسعار كثيرا في السنوات المقبلة فإن الأسعار الخاصة بالمياه ستكون مرشحة للارتفاع أيضا مستقبلا.